إقليم وزان
مدينة وزان – أو كما يعشق أهلها تسميتها “دار الضمانة”- توجد على الشريط الجنوبي لجبال الريف المغربي، تتوسطها مآثر تاريخية تحكي أمجاد الماضي، وتحيط بها غابات الزيتون من كل جهة، فهي واقعة على بساط أخضر شكلته طبيعتها الخلابة وتحيط بها غابة “إيزارن” التي تعد من مواقع الصيد البري، وعلى جنباتها توجد بحيرة “لبحيار” بجمالها وعذوبة ينابيع مياهها.
ومن أهم المميزات التاريخية لهذه المدينة، أنها لم تُسوَّر بأسوار؛ بحيث لم تكن لها جدران أو بابات ضخمة تتحصن داخلها، على غرار المدن المغربية الأخرى، وإنما كانت تحتوي على بابتين: البابة الأولى: والمعروفة بـ باب الفتحة- تعود إلى القرن السابع عشر- ثم البابة الثانية: والمعروفة بباب الجمعة أو باب الجموعة حسب نطق أهل المدينة، أما على مستوى الأعلام، فأشهر أعلامها، مولاي عبد الله الشريف، فقد وفد إليها من جبل العلم (شمال المغرب) عام (1596-1678) ما يوافق منتصف القرن الحادي عشر الهجري، فأسس بها زاوية صوفية تنتمي إلى الطريقة الشاذلية، بيد أنها اشتهرت بالزاوية الوزانية، فأصبحت منارة للعلم ومقصدا لمريدي التواجد والمعرفة، وقد ازدانت هذه الزاوية بميزة جليلة أخاذة، جمعت في طياتها كل محاسن دار الضمانة وزيادة، هذه الميزة هي خزانة المسجد الأعظم؛ بحيث إنها حوت مخطوطات نادرة وأعلاق نفيسة، ومؤلفات مهمة في علوم مختلفة وفنون معرفية متنوعة ويرجع الفضل-بعدالله عز وجل- في تأسيسها إلى شيوخ الزاوية أنفسهم الذين جمعوا بين علوم الشريعة والحقيقة: ابتداء من مولاي عبد الله الشريف المؤسس الأول ثم حفيده مولاي علي بن أحمد وما تلاهما من الحفدة الأبرار، أضف إلى ذلك العلماء والمريدين الذين تربوا في حضن الزاوية الوزانية ونهلوا من ينابيعها العذبة، وتتلمذوا على شيوخها، فانتشروا في شتى الأماكن والأمصار.
ومن هؤلاء الأعلام نذكر تمثيلا لا حصرا: أبو محمد عبد الله بن الحسن الجنوي(ت1200هـ) دفين مدينة مراكش / والشيخ الفقيه محمد الرهوني (ت1230هـ) دفين مدينة وزان، والفقيه المالكي بن الخضر الوزاني (1342هـ) دفين فاس، وأخوه العلامة الفقيه سيدي عبد الله بن محمد بن الخضر الوزاني(1360هـ) دفين مدينة وزان…
وقد ازدانت مدينة وزان بزيارات مباركة من لدن السلطانين: محمد الخامس-طيب الله ثراه- وحفيده محمد السادس-حفظه الله ونصره- أما السلطان محمد الخامس فقد زارها ثلاث مرات: الأولى يوم السبت 27 أبريل سنة 1940م قادما إليها من مدينة فاس عبر بني مسارة التي خصص له سكانها استقبالا كبيرا في مكان معروف يسمى الخروبة، أما الزيارة الثانية، فكانت يوم 10يونيو1957 قادما إليها عبر طريق شفشاون بعد رجوعه من تدشين طريق الوحدة، وأما الزيارة الثالثة، فكانت يوم 11يونيو 1959.
وأما حفيده محمد السادس فقد كانت زيارته يوم 26 شتنبر 2006، وقد تفاءل أهل وزان بهذه الزيارة، لأنها كانت سببا قويا في لتحريك عجلة التنمية بالمدينة والمنطقة كلها.